HIDE
TRUE
RTL
{fbt_classic_header}

احتكار جديد وايضا برعاية حكومية: تامين العاملين في المنازل

في نهاية ايار 2014 أصدرت وزارة العمل قرارا بإلزامية التأمين للعاملين في المنازل من غير الأردنيين اعتباراً من بداية حزيران 2014. ...


في نهاية ايار 2014 أصدرت وزارة العمل قرارا بإلزامية التأمين للعاملين في المنازل من غير الأردنيين اعتباراً من بداية حزيران 2014. وهذا التامين يهدف إلى حماية حقوق أصحاب المنازل وتقديم الرعاية الصحية للعاملات بالاضافة إلى ضبط سوق عاملات المنازل ومكاتب الاستقدام.

تشتمل بوليصة التامين على عدة بنود من ضمنها التأمين الصحي والتأمين عند ترك العمل إلى مكان غير معروف ورفض العمل والترحيل ومصاريف الترحيل، والتأمين على الحياة والحوادث.وتوفر بوليصة التأمين تأمينا صحياً لكافة المرضى من العاملات في المنازل سواء في المستشفيات الحكومية او الخاصة، كما سيتكفل التأمين في حالة وفاة العاملة بتعويض صاحب المنزل عن نفقات استقدام عاملة أخرى أو إعادة المبلغ، كما تشمل اتفاقية التأمين تغطية نفقات اصابات العمل بالنسبة لعاملة المنزل.

كذلك تغطي البوليصة حالة رفض العاملة العمل في المنزل أو هروبها بتعويض صاحب العمل عن كامل نفقات الاستقدام وحسب المدة التي قضاها لدى صاحب المنزل. وقررت الوزارة ان تكون مدة التأمين سنتين خلال فترة عمل عاملة المنزل في المملكة وأن يكون اشتراك التأمين الزامياً لكل عامل ويعدّ إحدى الوثائق الأساس التي سيتم اعتمادها للحصول على تصريح عمل سواء أكان لأول مرة أم تجديدا.

كل هذا ممتاز. الا ان وزارة العمل قررت ايضا ان يكون التامين حصريا عبر شركة تامين واحدة استنادا الى اتفاقية تم توقيعها من قبل نقابة أصحاب مكاتب استقدام واستخدام العاملين في المنازل من غير الأردنيين والشركة الأردنية الفرنسية للتأمين (جوفيكو).

وهذا يثير عدة اسئلة:

-        باي حق _وتحت اي مسوغ منطقي او قانوني_ تمنح الحكومة احتكارا لشركة تامين واحدة خاصة يجبر فيه كل مواطن يستقدم عاملة منزل على شراء بوليصة التامين بقيمة 226 دينار لسنتين من شركة واحدة محددة على الرغم من وجود 27 شركة تامين عاملة في الاردن؟

-        مع وجود اكثر من 70 آلاف عاملة؛ منهن 40 ألف عاملة حاصلات على تصريح عمل ساري المفعول ، فان هذا الاحتكار للشركة يعطيها حوالي 4.5 مليون دينار سنويا كعوائد من بيع بوليصات التامين بدون توفر اي فرصة لاي شركة تامين اخرى بتقديم نفس الخدمة التامينية بنفس السعر او بسعر اقل.

-        هذا الاحتكار هو حتما ضد مصلحة المواطنين بسبب حرمانهم من امكانية دفع اسعار اقل لنفس بوليصة التامين وكذلك بسبب عدم قدرتهم على تغيير الشركة اذا لم تعجبهم خدمتها.

اشتراط التامين وشروط البوليصة امران جيدان. السيء في هذا القرار هو تثبيت سعر بوليصة التامين وحصر الخدمة بشركة تامين واحدة فقط. لذلك يجب على وزارة العمل ان تصوب الوضع باسلوب سهل وبسيط:

-        وضع نص واضح وموحد لبوليصة التامين وتكون هذه البوليصة الموحدة لازمة للحصول على تصريح العمل.

-        السماح لكل شركات التامين التي تريد ان تقدم هذه الخدمة التامينية بتقديمها.

-        تحديد حد اعلى لسعر بوليصة التامين للمواطنين مع السماح لشركات التامين المتنافسة بتخفيض الاسعار اذا ارادت. فمثلا عاملة منزل تعمل في نفس البيت لاكثر من 10 سنوات سيكون احتمال هروبها اقل من عاملة منزل جديدة وشركات التامين قد تعطي خصم على بوليصة التامين في هكذا حالة.

غير مفهوم ابدا ان توفر الحكومة احتكارا لشركة ما وتلغي المنافسة في سوق جاهز للمنافسة بوجود 27 شركة تامين عاملة. ومع ان الحل سهل فاني متشكك من قيام الحكومة بالتصويب. وعليه فقد اشتري اسهما في شركة التامين صاحبة الاحتكار، فهذا التامين الجديد سيزيد من عوائد الشركة بنسبة 20% تقريبا !

اخيرا القصة ليست بقطاع عام او قطاع خاص. الاهم توفر المنافسة الفاعلة الحقيقية في كل قطاع اقتصادي. وضمان وجود المنافسة وديمومتها هو من اهم ادوار اي حكومة. للاسف تغاضت وزارة العمل عن هذا الواجب الحكومي قي قرارها هذا وفعلت عكس ما يجب ان تفعله الحكومة: فبدل ان ترفض اتفاقية حصرية بين جهتين من القطاع الخاص (نقابة أصحاب مكاتب استقدام و شركة التامين) وبدلا من ان تشترط المنافسة ، باركت الحكومة اتفاقية احتكار يجبر فيها المواطنون على دفع مبلغ محدد لشركة واحدة بلا حرية اختيار ولا منافسة.


ليست هناك تعليقات