HIDE
TRUE
RTL
{fbt_classic_header}

عمان واربد والزرقاء: الثقل الديموغرافي للهوية الاردنية

  عمان واربد والزرقاء: الثقل الديموغرافي للهوية الاردنية . نشر في الغد يوم 26 حزيران 2021 يقطن في محافظات عمان واربد والزرقاء ثلاثة اربا...


 عمان واربد والزرقاء: الثقل الديموغرافي للهوية الاردنية.

نشر في الغد يوم 26 حزيران 2021

يقطن في محافظات عمان واربد والزرقاء ثلاثة ارباع سكان الأردن حيث تتمير هذه المحافظات بوجود مدن كبيرة تحتوي معظم السكان وأيضا بارتفاع نسبة سكان الحضر من اجمالي سكان المحافظة الى اكثر من 94%. وتساهم هذه المحافظات بأكثر من 85% من مجمل فرص العمل والاقتصاد الوطني.

نتغافل جميعا _بقصد او بدون قصد وبحسن نية او بسوء نية_ ان هذه المدن الرئيسية الثلاث باتت أساس الهوية الأردنية الواضحة الحديثة. فسكانها من جميع أصول ومنابت الأردنيين متجاورين في احياء مدنهم ومختلطين ومتزاوجين متناسبين. تجمعهم وتفرقهم مصالح اقتصادية واجتماعية متباينة تتشكل حسب الطبقة الاقتصادية ونموذج الإنتاج والعمل لا الأصل والمنبت. فصاحب طبعة التكسي تختلف مصالحه عن سائق كريم واوبر بغض النظر عن الاصل. ومصالح صاحب العمل تختلف عن الموظف وكذلك التاجر عن الصانع والمهني عن المزارع ومالك العقار عن المستأجر. ومصالح من يختار التعليم الخاص لأبنائه تختلف عن الذي اختار مدارس الحكومة.

عبر سبعين عاما تشكلت لهذه الكتلة الديمغرافية الهائلة لهجات خاصة بها. فمن يستطيع ان ينكر ان لهجة مدينة عمان مثلا باتت لهجة مستقلة وواضحة عن اللهجات الاصلية لمنابت قاطنيها المختلفة. واللهجة عنوان الهوية وعمان لوحدها يسكنها أكثر من 40% من الاردنيين. ومن اتى اليها لأول مرة من الكويت عام 1990 صار له فيها 30 عاما.

من اهم مشاكل الأردن براي ان قانون الانتخاب والنظام التمثيلي في البرلمان لا يزال اسيرا لعصر قد انتهى. فقانون الانتخاب الحالي في الأردن يخرج اسوا ما في الهويات الضيقة ويحارب الهوية الجامعة الحديثة الواضحة الجلية. فبدلا من أن ينتخب الكركي او السلطي او الطفيلي او المعاني او العجلوني في مكان سكناه في عمان او الزرقاء ليختار من يمثله بحسب المصالح الاقتصادية والاجتماعية يشد الرحال الى المحافظة الاصلية يوم الانتخاب ليكون الانتخاب على أساس العشيرة او افخاذ العشيرة فقط لا غير. وتبقى مدن عمان والزرقاء واربد بأقل نسب اقتراع ومشاركة سياسية. ويخرج لنا برلمان لا يمثل أكثر من 15% من أصوات المقترعين واقل من ذلك بكثير من أصوات من يحق لهم الاقتراع.

ان أردنا حقا التقدم لدولة ديموقراطية فالنموذج واضح ولا حاجة لإعادة اختراعه. أساسه ان تنتج الانتخابات برلمانا ونوابا بتفويض شعبي واضح يمثل أغلب الناخبين ويفرز حكومة بيدها كل مفاصل السلطة التنفيذية وعليها رقابة السلطتين القضائية والتشريعية بالإضافة الى رقابة الصحافة الحرة المهنية.

البداية في برلمان ممثل حقا وبتفويض شعبي لا شائبة فيه. أساسه ربما ان تكون نصف مقاعد البرلمان عبر قوائم على مستوى الوطن مغلقة لا مفتوحة. بحيث يكون ترتيب الأسماء في القائمة مقررا قبل الانتخابات العامة بتوافق القائمة او عبر انتخابات داخلية. مع تحديد عتبة دخول للمجلس لا تقل عن 5% من أصوات المقترعين. بحيث لا تدخل أي قائمة البرلمان الا بعد ان تحصل على اختيار اكثر من 150 الف ناخب اردني. في حالة ان لم تحصل أي قائمة على أكثر من ربع الأصوات فربما يجب ان تعاد الانتخابات بين اعلى 5 قوائم وطنية. لتنجح أي قائمة وطنية في الحصول على مقاعد بعدد مهم في البرلمان سيكون لزاما عليها ان تكون برامجية واضحة تمثل مصالح قطاعات واسعة من السكان وفيها تنوع ديموغرافي ثري. ولن تنجح أي قائمة تستند الى عصبيات ضيقة في الحصول على عدد عال من مقاعد البرلمان.

فالهدف أساسا يجب ان يكون افراز كتل برلمانية برامجية قادرة على تشكيل الحكومات ومعها تفويض شعبي واضح. فشتان بين نواب يصلون البرلمان بقائمة حصلت على ثقة ربع مليون او نصف مليون اردني وبين نواب مرتهنين لمصالح خدماتية وتوظيفية لبضعة الاف او مئات من الأقارب والأصدقاء والانسباء.

سياتي من يحمل لنا بعبع الوطن البديل كون القوائم الوطنية قد تزيد من تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني في البرلمان. بالإضافة الى نقطة الهوية الأردنية أعلاه فلنتذكر باننا في الاردن جميعا نرفض الوطن البديل. ولكن لتنفق اولا على ما نرفض. فرفض الوطن البديل لا يعني رفض مواطنة الأردنيين من أصل فلسطيني، بل ان الرفض للوطن البديل أساسه التالي:

-        رفض محاولات جعل الاردن ممثلا للحقوق السياسية للفلسطينيين او لجزء من الفلسطينيين في فلسطين (مثل حق تقرير المصير على الترب الوطني الفلسطيني او حق العودة). او تحميل الاردن اي ادوار سياسية او امنية في الضفة الغربية.

-        التأكيد على ضمان شفافية وعدالة ودستورية القوانين والانظمة والتعليمات الناظمة للجنسية الاردنية والارقام الوطنية
.

-        درءا للاستقطاب واثارة النعرات التأكيد على احترام الخصوصية الديموغرافية الاردنية وتحديد التجنيس الجديد. فحقوق المواطنة الاصيلة للأردنيين من أصل فلسطيني لا تعني ابدا مد حق المواطنة الاردنية الى الفلسطينيين في الضفة او لبنان او اي مكان اخر.

فهل نتقدم الى حكومات برلمانية ام نبقى اسيري الوضع الحالي الذي اثبت فشله؟  

 

ليست هناك تعليقات