HIDE
TRUE
RTL
{fbt_classic_header}

التقاعد المدني لموظفي امانة عمان والبلديات: العجز الهائل القادم

نشر في الغد يوم 26 \ 1 \ 2020 هنالك نظام لتقاعد موظفي البلديات برقم 79 صدر في العام 2009 ولاحقا استبدل بنظام رقم 141 لسنة 2016 ...



نشر في الغد يوم
26 \ 1 \ 2020

هنالك نظام لتقاعد موظفي البلديات برقم 79 صدر في العام 2009 ولاحقا استبدل بنظام رقم 141 لسنة 2016 الذي يجري حاليا العمل على تعديله. بموجب هذا النظام تقتطع البلديات 8.75% من راتب موظفيها شهريا وتعتبر هذه الاقتطاعات ايراد لصندوق البلدية (أي انه لا يوجد صندوق تقاعد مستقل). وبموجب النظام يسري على موظفي البلديات نفس شروط قانون التقاعد المدني رقم 34 للعام 1959. ويكون الاقتطاع الشهري من الراتب الأساسي الشهري مضافا اليه ربع الراتب ولا يشمل العلاوات والمخصصات. طبعا بموجب هذا النظام لا يجوز الجمع بين راتب تقاعد بلدية واي راتب تقاعد حكومي اخر باستثناء _وبدون أي مفاجأة هنا_ أعضاء مجلسي النواب والاعيان!

لا اخفي سرا اني تفاجأت بوجود هذا النظام. فكيف تصدر أي حكومة في الأردن نظاما تؤطر فيه التقاعد المدني للبلديات مع ان كل موظفي البلديات خاضعين حكما للضمان الاجتماعي ومشتركين به؟ الم تتعلم الحكومات الدرس من افلاس التقاعد المدني الكامل والشامل والمزمن؟ فالتقاعد المدني والعسكري يتجاوز عجزه السنوي المليار دينار منذ حوالي العشر سنوات تمول كلها بالديون الإضافية. وتم تحويل معظم موظفي الحكومة وافراد الجيش الى الضمان الاجتماعي. فكيف يتوقع أي شخص ان اقتطاع 8.75% من رواتب موظفي البلديات ليوضع في صناديق البلديات المديونة سيكون كافيا لتمويل تقاعداتهم؟ ناهيك ان الحكومة تقترح الان تخفيض الاقتطاع الى 7% بحسب نظام مقترح باسم (نظام معدل لنظام تقاعد موظفي البلديات ومكافآتهم لسنة 2019). 

لهذا نظرت الى ميزانية امانة عمان المنشورة على موقعها لتحليل الواقع الحالي. دفعت امانة عمان اكثر من 9 ملايين دينار رواتب تقاعدية في 2019. فيما بلغت اقتطاعات الأمانة من رواتب موظفيها الأساسية لغاية التقاعد اقل من مليونين ونصف تقديرا. أي ان عجز تقاعد موظفي أمانة عمان المدني السنوي _بعد اقل من عشرة أعوام على بدئه_ تجاوز السبعة ملايين دينار في 2019. للسنوات الأربعة منذ 2016 وصلت مدفوعات التقاعد المدني لموظفي الأمانة المتقاعدين الى 32 مليون دينار فيما لم تتجاوز الاقتطاعات التقاعدية للموظفين العاملين تسعة ملايين دينار بعجز اجمالي تجاوز 23 مليون دينار مولته رسوم وضرائب ومسقفات أهالي عمان. 

للتأكيد: تقاعد امانة عمان المدني مفلس بعد اقل من تسعة سنوات من تطبيقه ويمول أساسا من الضرائب لا من الاقتطاعات التقاعدية. تقديرا لو استمرت الزيادة السنوية في كلف التقاعد المدني بنفس وتيرة اخر اربعة سنوات فان عجز التقاعد المدني لموظفي امانة عمان التراكمي سيتجاوز 160 مليون دينار في السنوات العشرة القادمة. 

لا اعلم ان كانت باقي بلديات الأردن قد فعّلت هذا النظام لموظفيها. _تحديث: اتضح ان البلديات خارج عمان لم تفعل هذا النظام لعدم قدرتها المالية عليه_ وهنا لربما يجب على الحكومة و مجلس الامة التدقيق في الموضوع. فعلى فرض ان كلفة تقاعدات امانة عمان ستشكل ربع كلفة التقاعد المدني لبافي بلديات المملكة فنستنتج ان كلفة التقاعدات المدنية لكافة البلديات قد تصل الى حوالي 40 مليون دينار مع عجز سنوي يتجاوز 28 مليون دينار. أي اكثر من 300 مليون دينار خلال عشرة سنوات قادمة كلها تدفع من ضرائب ورسوم المواطنين او ديون جديدة لا من الاقتطاعات من رواتب الموظفين. 

والسؤال الأساس يبقى: في ظل شمول موظفي البلديات بأحكام وحماية الضمان الاجتماعي ما الداعي او الحاجة لنظام تقاعد مدني مفلس منذ البداية؟ نظام تقاعد يمشي على ذات نهج افلاس التقاعد المدني الحكومي. خصوصا انه يقلل من رواتب الموظفين باقتطاع كبير نسبيا يضاف الى اقتطاع الضمان الاجتماعي من رواتبهم. 

يجب التمحيص بشكل واف في هذا الملف وهنا اعيد الدعوة لمجلس النواب لفتح هذا الموضوع ودراسته من كافة جوانبه. لأننا على طريق قد تصل فيه العجوزات المالية في البلديات بسبب نظام التقاعد هذا الى مستويات خطرة تتسبب في افلاس البلديات نفسها. 

الحل بسيط ويكمن في استبدال هذا النظام غير المنطقي بنظام صناديق توفير للموظفين تساهم فيه البلديات بنفس المبلغ المقتطع من راتب الموظف. بنسبة 5% مثلا مع إعطاء الموظف حرية الاختيار. ويكون الاقتطاع من الموظف معفيا من ضريبة الدخل لتشجيع الموظفين على التوفير والاستفادة من مساهمة البلدية بنفس مبلغ توفيرهم. في هكذا نظام يستطيع الموظف توفير 10% من راتبه الأساسي نصفها من اليلدية بدون تأثير كارثي مستقيلي على ديمومة البلديات وقدرتها المالية. هذا أفضل حتما من اقتطاع شهري اكبر مقابل تقاعد لن يأتي مستقبلا بسبب الإفلاس.

ليست هناك تعليقات