HIDE
TRUE
RTL
{fbt_classic_header}

نحو صيف وخريف وشتاء وربيع امنة: هل انتبهنا للعامل الأهم

نحو صيف وخريف وشتاء وربيع امنة: هل انتبهنا للعامل الأهم؟ نشر في صحيفة الغد يوم 1 حزيران 2021 تأخر العالم كثيرا قبل الانتباه الي خطر ا...



نحو صيف وخريف وشتاء وربيع امنة: هل انتبهنا للعامل الأهم؟

نشر في صحيفة الغد يوم 1 حزيران 2021

تأخر العالم كثيرا قبل الانتباه الي خطر العدوى عبر الهواء لكوفيد19 لدرجة ان منظمة الصحة العالمية قالت في اذار 2020 ان الوباء لا ينتقل عبر الهواء. بعد سنة كاملة أصدرت منظمة الصحة العالمية في اذار 2021 منشورا بعنوان "خطة طريق نحو تحسين وضمان التهوية الجيدة في الأماكن الداخلية في سياق كوفيد 19" اكدت فيه ان خطر انتقال العدوى في الأماكن المزدحمة والأماكن الداخلية المغلقة غير المهواة جيدا ثبت علميا انه اعلى بكثير من الأماكن الخارجية المفتوحة. ويقسم تقرير منظمة الصحة الجديد مقترحات ضمان التهوية الجيدة في ثلاث حالات: المستشفيات والعيادات والأماكن التجارية غير السكنية والأماكن السكنية. وتحدد وثيقة منظمة الصحة العالمية الحد الأدنى لتغيير كل هواء المكان الداخلي ب  ACH6 أي تغيير كل الهواء الداخلي ستة مرات في الساعة كحد ادنى. وتضع الوثيقة أساليب ضمان ذلك والتي تتدرج من أمور بسيطة كفتح الأبواب والشبابيك الى حلول تقنية وميكانيكية لضمان هذه التهوية الجيدة.

لان معظم التقنيات المستخدمة في التدفئة والتكييف عندنا في الأردن لا تشمل ضمان التهوية الجيدة ولا ادخال هواء جديد بشكل منتظم فقد قمت بدراسة فرضية ربط مستوى وفيات الكوفيد19 في الأردن مع توقع انتشار اعلى للعدوى في ظروف تشمل قلة التهوية في الأماكن الداخلية. في سبيل ذلك حصلت على درجات الحرارة الدنيا والعليا لمدينة عمان من السيد محمد الشاكر في طقس العرب من 1 تشرين الأول 2020 الى منتصف أيار 2021. وقمت كذلك _بمساعدة السيدة رولى جبر_ بتجميع وفيات الكوفيد19 الأسبوعية لكل خميس ابتداء من 1 تشرين الأول 2020 من البيانات الرسمية لوزارة الصحة. البيانات في الرسمين البيانين التاليين. 


 

نلاحظ ان قمة وفيات الكوفيد الأسبوعية في 2021 كانت في في 26 اذار و2 نيسان و9 نيسان واتت بفترة 4 الى 7 اسابيع من موجة باردة جدا من 15 شباط الى 20 شباط وصلت فيها درجة الحرارة الدنيا في عمان الى صفر مئوي.

بالنسبة لقمة وفيات الكوفيد الأسبوعية في 2020 فقد كانت في 13 و20 و27 تشرين الثاني 2020 وكانت بعد 4 الى 7 أسابيع بعد موجة حارة وصلت فيها درجة الحرارة الى 35 في عمان وتزامنت مع اجتماعات الانتخابات النيابية في شهر تشرين اول 2020.

في هذا السياق هنا يجب ان نلفت الانتباه ان وفيات الأردنيين  _بحسب ارقام دائرة الأحوال المدنية_ في شهر تشرين الثاني 2020 من كافة الأسباب وصلت الى 4622 وفاه بزيادة 75% عن وفيات تشرين الثاني 2019 وزيادة 99% عن وفيات تشرين الثاني 2018. وكانت وفيات الذكور الأردنيين من كافة الأسباب في كل 2020 اعلى من وفيات الذكور في 2019 بنسبة 21% فيما زادت وفيات الاناث الاردنيات بنسبة 10%. وزاد مجموع الوفيات لكلا الجنسين في 2020 عن 2019 بنسبة 16%. انظر الجدول. رحمهم الله جميعا. 

 

في الحالتين يمكن الاستنتاج ان الأردنيين امضوا وقتا طويلا في أماكن مغلقة قليلة التهوية بسبب الظروف الجوية. هل ساهم هذا في زيادة وتسريع انتقال العدوى بين الناس بحيث تسببت في زيادة الوفيات بعد 4 الى 7 أسابيع؟ خصوصا ان اعراض المرض قد تظهر بعد أسبوعين من التعرض للفيروس وان المرض الشديد والوفاة يأتيان بعد عدة أسابيع من الاعراض. طبعا نتذكر هنا ان الترابط لا يعني السببية لكن هناك منطق قوي في الفرضية وهو ان أحد اهم السبل لتقليل العدوى من الكوفيد19 وغيره من الامراض يشمل كمكون أساسي التهوية الجيدة بالإضافة الى الاحتياطات الأخرى من تعقيم وتباعد. فالتدفئة عندنا تعتمد صوبات او تدفئة مركزية او تكييف داخلي يستوجب بحكم العادة اغلاقا شبه تام لكافة منافذ الهواء.

لضمان صيف امن في الأردن الحبيب يلحقه خريف وشتاء وربيع امنين ان شاء الله يجب الالتفات من الان الى ضرورة التهوية الجيدة في منازلنا ومكاتبنا ومتاجرنا ومطاعمنا ومدارسنا وجامعاتنا. فوضعنا الحالي ليس مثاليا ويحتاج دراسات جدية من كل القائمين على جميع الأبنية. براي الشخصي ان الحلول في معظمها سهلة نسبيا تشمل فتح بعض النوافذ وتركيب شفاطات هواء فعالة تزيد من مرور الهواء النقي في المباني خصوصا ان الطقس الأردني المعتدل يساعد في ذلك بدون زيادة كبيرة في كلف التدفئة والتكييف. وفي كل الأحوال فان أي زيادة كلفة في التدفئة والتكييف بسبب التهوية الجيدة سينعكس على تقليل كلف المرض وخسارة أيام العمل والوفيات لا سمح الله. هي استثمار جيد في صحتنا جميعا.

فلنستغل اشهر الصيف لتعديل أسلوب التدفئة والتبريد في الأردن لنساهم في ضمان صحة جميع الأردنيين. فلا أفضل من الهواء النظيف النقي.

ليست هناك تعليقات