HIDE
TRUE
RTL
{fbt_classic_header}

مصفاة البترول ووزارة الطاقة: كلاهما يظلمان الاردنيين

  مصفاة البترول ووزارة الطاقة: كلاهما يظلمان الاردنيين   النقاش على شبكات التواصل الاجتماعي على سجال الحكومة وشركة مصفاة البترول الأردنية ال...

 

مصفاة البترول ووزارة الطاقة: كلاهما يظلمان الاردنيين

 النقاش على شبكات التواصل الاجتماعي على سجال الحكومة وشركة مصفاة البترول الأردنية الحالي مزعج للغاية في عاطفيته وضحالته.  ففي موضوع غاية في الأهمية كقطاع الطاقة وامن تزويدها لا مجال للعواطف والحديث الانشائي. سياسة قطاع الطاقة يجب ان تكون محكومة ومسيرة بالأدلة والقرائن الواضحة.

فلننظر بداية الى تقرير شركة مصفاة البترول السنوي للعام 2019 لنثبت بعض الحقائق. وهنا يجب ان نذكر ان اسم الشركة لا يعبر تماما عن اعمالها فالشركة أكثر بكثير من مصفاة بترول وتقوم بالأعمال التالية:

-         نقل وبيع المشتقات النفطية الجاهزة: وهذا يتم عبر شـركة تسـويق المنتجـات البتروليـة الاردنيـة المملوكـة بالكامـل لشـركة مصفـاة البتـرول من خلال تزويد 345 محطة محروقات جزء منها مملوك للشركة. في 2019 انتجت الشركة 65% من البنزين الذي باعته فيما استوردت 35% من البنزين الجاهز. فيما ساهم انتاج الشركة من التكرير المحلي بتغطية فقط 33% من استهلاك البنزين في الأردن للعام 2018. أي ان ثلثي استهلاك البنزين في الأردن يستورد جاهزا. في الديزل انتجت الشركة 80% من الديزل الذي باعته في 2019 فيما استوردت 20% من الديزل الجاهز. فيما ساهم انتاج الشركة المحلي بتغطية 39% من استهلاك الديزل في الأردن للعام  2018. أي ان 60% من استهلاك الديزل في الأردن يستورد جاهزا. كذلك استوردت الشركة 98 الف طن من مادة MTBE الي تضاف الى البنزين الخالي من الرصاص. وانتجت الشركة 517 الف طن من زيت الوقود في 2019 تحاول تصريفه خارج الأردن لعدم وجود سوق محلي كبير له بعد تحول انتاج الكهرباء الى الغاز الطبيعي. ويذكر ان من اهم خطط الشركة في مشروع التوسعة الرابع هو انتاج مشتقات عالية الثمن بدلا من زيت الوقود.

 

-         الغــاز البترولي المســال: ويشــمل إنتــاج وتعبئــة الغــاز المســال وتصنيــع وإصــلاح وصيانــة أســطوانات الغــاز وتعبئتهــا فــي محطــات تعبئــة الغــاز الثلاث العائــدة للشــركة فــي الزرقــاء وعمــان وإربــد. الشركة هي المزود الوحيد في الأردن لأسطوانات الغاز وفي 2019 استوردت 87% من الغاز المسال الجاهز وانتجت 13% فقط محليا.

 

-         صناعة وتعبئة الزيوت المعدنية: مصنـع الزيـوت المعدنيـة للشركة له حصة سوقية تبلغ حوالـي 45%مـن حاجـة السـوق الأردني. وتستورد الشركة كل زيوت الأساس المستخدمة في المصنع بواقع 14865 طن زيت أساس في 2019.

 

-         تزويــد وقــود الطائــرات: تقــوم الشــركة بــإدارة عمليــة تزويــد الطائــرات فــي مطــارات الأردن الثلاثة (مطــار الملكــة عليــاء ومطــار عمــان المدنــي ومطــار الملــك الحســين الدولــي في العقبــة). في 2019 استوردت الشركة 49% من وقود الطائرات وانتجت 51% منه محليا.

 

-         التخزين: تقـوم الشـركة بتخزيـن النفـط الخـام والمشـتقات النفطيـة الجاهـزة بالخزانـات العائـدة لها فـي كل مـن موقـع المصفاة في الزرقــاء ومســتودعات العقبــة والمطــارات. وهذه خدمة مهمة جدا لأمن الطاقة الأردني وهي عالية القيمة.

 

-         التكرير: تقوم الشركة باستيراد النفط الخام للتكرير المحلي بعد موازنة التكرير المحلي واستيراد المشتقات الجاهزة لتحقيق الربح الأمثل ضمن سياسة التسعير الحكومية المعتمدة. ويجب التذكير هنا ان الشركة خفضت النفط المكرر محليا سنويا منذ 2015 بعد ان انتهت اتفاقيتها مع الحكومة لضمان الربح من التكرير بغض النظر عن كفاءة التكرير. بحيث انخفض التقط الخام المكرر في 2019 عن مستوى 2015 بنسبة 30%. وتتحدث الشركة عن مشروع التوسعة الرابع لرفع سوية التكرير منذ اكثر من 15 سنة بدون تنفيذه لغاية الان.

 

تاريخيا شركة مصفاة البترول لم تكن يوما مؤسسة حكومية. بل بدأت كمشروع وطني حيوي للقطاع الخاص عام 1956 مع حصولها على امتياز وحصرية انتهت في 2008. حاليا يملك الضمان الاجتماعي (أي عمال وموظفي الأردن) 20% من اسهمها. وتبين ميزانية الشركة ان مجموع قيمة أراضيها بسعر الكلفة تبلغ 46 مليون دينار فيما القيمة السوقية لهذه الأراضي قد تتجاوز المليار دينار عند حساب السعر السوق لها.

وفيما يخص مديونية وزارة المالية للشركة تبين ميزانية الربع الثالث ان الدين الصافي للمصفاة على وزارة المالية يبلغ 57 مليون دينار. حيث ان المصفاة مدينة لوزارة المالية ب 137 مليون و وزارة المالية مدينة للمصفاة ب 194 مليون. ويبلع مجموع دين المصفاة على الجهات الحكومية (شاملا مؤسسات حكومية والكهرباء الوطنية والجهات الأمنية) أكثر من 342 مليون دينار.

مع حصة سوقية تبلغ 40% من حجم السوق ودور حيوي مهم في النقل والتخزين والغاز البترولي المسال والزيوت المعدنية لا خوف على المصفاة حاليا او مستقبلا. وضعها جيد وارباحها الصافية في 2019 تجاوزت 44 مليون دينار مقابل 36 مليون دينار في 2018. وحتى مع تأثير الجائحة عادت الى الربحية في الربع الثالث ويتوقع ان تتجاوز خسائر نصف السنة الأولى من 2020 مع منتصف 2021.

محليا شركة المصفاة تنتج ديزل عالي الكبريت مخالفا لكل المواصفات العالمية والأردنية. والطب اثبت قطعا ان نسبة الكبريت الزائدة في الديزل المحروق على طرقاتنا تساهم في زيادة امراض القلب والشرايين والامراض التنفسية والتلوث بشكل عام. أي اننا ندفع ثمن التكرير المحلي من صحتنا وهذا لا تحسبه الحكومة ولا المصفاة من ضمن كلفة التكرير محليا.

كذلك تغفل الحكومة عن قياس الكلفة الاقتصادية الخارجية للصيانة المتكررة للطريق الصحراوي الذي يبقى الطريق الوحيد لاستيراد النفط الخام عبر الشاحنات من العقبة للزرقاء فيما نسمع عن مشروع خط نقل النفط الخام منذ 17 سنة! ناهيك عن زيادة تلوث البيئة بسبب نقل النفط الخام بالشاحنات.

والحكومة مقصرة كثيرا في ادخال المنافسة الحقيقية لقطاع المشتقات النفطية. فهي لا تزال تسعر المشتقات النفطية بهوامش ربح محددة وكريمة لكل حلقات التزويد على حساب المواطنين الأردنيين والاقتصاد الاردني. فيما الأنسب ان تحدد الحكومة السعر الأعلى للبيع مع السماح بالمنافسة السعرية دون هذا السقف الأعلى بين المزودين المختلفين.

مثال على عدم عدالة التسعيرة الحكومية للأردنيين شكوى طيران الملكية الأردنية من كلفة وقود الطائرات في الأردن. فالملكية الأردنية تعاني من كلف عالية جدا للوقود بسبب الوضع الاحتكاري لسوق المشتقات الاردني. لدرجة ان الشركة تخسر عند تشغيل الطائرات بعامل امتلاء منخفض أكثر مما تخسر عند توقفها عن العمل تماما. والسبب ان الشركة ممنوعة من استيراد وقودها بنفسها وعليها ان تشتريه من شركات تسويق المحروقات على هوامش ربح عالية. بحيث صارت تدفع أكثر من 20% كلفة زيادة عن الكلفة لو استوردت وقودها بنفسها او اشترته من سوق تنافسي حقيقي.

مع تثبيت ان شركة مصفاة البترول قوية ووضعها التنافسي ممتاز هنالك عدة حلول جذرية واجبة وسهلة التطبيق في 2021 اذا توفرت الشجاعة الحكومية. تشمل التالي:

-         تسديد الحكومة لكامل ديون المصفاة في 2021 عبر قروض بنكية كما حصل سابقا او عبر اصدار سندات خزينة.

 -         منع المصفاة من بيع الديزل عالي الكبريت محليا مع حزيران 2021 لإعطائها فترة انتقالية لتصريف المخزون. وان ارادت الشركة ان تستمر في التكرير قبل انشاء مشروع التوسعة الرابع فلها ذلك شريطة تصدير كامل انتاجها من الديزل عالي الكبريت كما تصدر زيت الوقود.  أي تطبيق القانون ومنع بيع الديزل عالي الكبريت محليا.

-         ان اعلان الحكومة غرامة 8 مليون دينار في 2021 بسبب مخالفة ديزل المصفاة المواصفات فيه إهانة جسيمة للشعب الأردني. وكأن الحكومة تقيم صحة الأردنيين بثمانية ملايين دينار فقط! الأفضل ان تحول الحكومة (وهي التي تجني مليار دينار سنويا من ضرائب المحروقات) 8 مليون دينار سنويا لدعم وظائف من يعملون حصرا في التكرير المحلي ونقل النفط الخام. لمدة خمس سنوات مثلا او لغاية بدء مشروع التوسعة الرابع للمصفاة ايهما اسبق. بهذا تزيل الحكومة "قميص عثمان" المصالح المتجذرة المتمسكة بالتكرير بالتقنية الحالية وعطاءات نقل النفط الخام بذريعة حماية الوظائف. فيكون المبلغ المحول للمصفاة سنويا مقابل منعها من الاستغناء عن أي موظف خارج التقاعد الطوعي او الفصل لسبب مشروع.

 -         ادخال المنافسة السعرية بأسرع وقت في السوق والسماح لكل محطة محروقات مرخصة بالاستيراد المباشر او تأسيس ائتلافات للاستيراد.

-         مراجعة معادلة التسعير دوريا بشكل عادل ومنطقي لتكون الحد الأقصى لأسعار بيع المشتقات النفطية في الأردن مع فتح المنافسة على مصراعيها في التسعير دون الحد الأعلى شريطة الالتزام بالمواصفات.

 



ليست هناك تعليقات