HIDE
TRUE
RTL
{fbt_classic_header}

أهالي طلاب المدارس الخاصة ونقابة اصحابها: ما السبيل الى حلول جذرية؟

نشرت في صحيفة الغد يوم 27 أيلول 2019  في الأسبوع الماضي قدم التلفزيون الأردني حلقة مع نقيب أصحاب المدارس الخاصة ومنسق حملة "...

نشرت في صحيفة الغد يوم 27 أيلول 2019 


في الأسبوع الماضي قدم التلفزيون الأردني حلقة مع نقيب أصحاب المدارس الخاصة ومنسق حملة "زودتوها" بخصوص أقساط المدارس الخاصة وكلفتها. براي المتواضع اضاع البرنامج فرصا عديدة في الحوار للدخول في صميم المشاكل وإيجاد حلول وظهرت الحلقة كتراشق للنقاط من الطرفين: كل يركز على نقاطه بدون سماع او محاولة فهم الراي الاخر وبدون محاولة نقاش كل نقطة والتمحيص فيها.

اهم النقاط كانت كلفة التعليم في المدارس الخاصة. تحدث نقيب أصحاب المدارس الخاصة ان الأقساط هي علاقة تعاقدية ما بين الاهل والمدرسة لا يجب ان يتدخل فيها أحد. هذا صحيح عند تسجيل الأبناء والبنات اول مرة حيث يكون للأهل كامل الحرية في اختيار المدارس بحسب اقساطها وموقعها ومرافقها وسمعتها. اما بعد ان يمضي الطالب عدة سنوات دراسية في المدرسة فان تغيير المدرسة يصبح صعبا من ناحية نفسية وتعليمية ولوجستية. فمن يحمي الاهل من ارتفاعات مفاجئة وغير مبررة في الأقساط؟ هل تقبل النقابة ان تتصدر المشهد هنا وتضع حلا منطقيا يحصر أي تعديل في الأقساط بالطلبة الجدد بينما يضع حدا اقصى لارتفاع الأقساط سقفه نسبة التضخم الرسمية للطلبة القدامى؟ بحيث تكون المدرسة الخاصة ملزمة بنظام للرسوم يشمل كافة فترة التعليم (الصف الاول الى الثاني عشر). أي أن ولي الامر عندما يسجل ابنه او بنته للصف الاول يحصل على لائحة رسوم المدرسة لكل صف من الصف الاول حتى الصف الثاني عشر او اعلى صف عندها. ويحق للمدرسة زيادة سنوية على هذه اللائحة لا تتجاوز نسبة التضخم السنوية الرسمية كما يعلنها البنك المركزي. لكن المدرسة تستطيع زيادة رسومها كما تشاء للطلبة المستجدين الذين يسجلون فيها لأول مرة على شرط تقديم لائحة رسوم المدرسة لكل الصفوف لهولاء الطلبة المستجدين. المهم هنا ان كل ولي امر يعرف ان لائحة رسوم المدرسة التي يسجل فيها اولاده لن يطرأ عليها تغييرات مفاجئة كبيرة تجبره على نقل اولاده أثناء المراحل الدراسية.

في نفس الموضوع كانت نقطة حملة "زودتوها" ان التعليم رسالة اجتماعية أساسا ولا يجب ان يكون هدفها الربح. ان سلمنا جدلا ان كل قطاع التعليم لا يجب ان يهدف للربح، فلننظر الى وزارة التربية والتعليم كمثال وهي التي لا تهدف للربح و80 بالمئة من مدارسها ملك للوزارة بدون كلفة ايجار او كلفة الفرصة الضائعة للعقار. الوزارة تصرف حوالي المليار دينار سنويا مع تقديم خدمة اقل كثيرا من المطلوب بكلفة 680 دينار لكل طالب سنويا. فهل تقترح حملة "زودتوها" ان تمنع المدارس الخاصة والأهلية من تحقيق أي فائض او ربح تحت مسمى الرسالة التعليمية السامية؟ على فرض ان هذا حصل وتم منع تحقيق الربح للمدارس الربحية او تحقيق الفائض للمدارس غير الربحية او تم تحديده بنسبة قليلة نسبيا: من اين سياتي حافز انشاء مدارس جديدة او توسعة مرافق المدارس؟ فحتى المؤسسات التعليمية غير الربحية تحتاج الى تغطية الكلفة وتحقيق فائض لتوسعة المرافق وادامتها. وما الذي سيمنع أصحاب كثير من المدارس من اقفالها واستخدام العقار في مشاريع أخرى ربحية؟ وفي حال تحديد حد اقصى للربح هل ستحمي الحكومة المدارس من الخسارة وتعوضهم في حالة تحقيق خسائر؟

في ذات الموضوع اكد نقيب أصحاب المدارس الخاصة ان اغلبيتها لا تتجاوز اقساط التوجيهي فيها _خارج عمان_ 1500 دينار للتوجيهي. وكان النقيب قد صرح في السابق ان 90% منها معدل اقساطها اقل من الف دينار سنويا. وقال أيضا ان 3 الى 4% من المدارس (أي حوالي 120 مدرسة) هي مدارس غالية جدا في عمان تخدم تقديرا 15 الى 20 الف طالب من أبناء الطبقة الغنية والجاليات الأجنبية من أبناء الديبلوماسيين ورجال الاعمال الأجانب. وهنا بات لزاما على أي شخص يتصدى لهذا الموضوع تأكيد هذه الأرقام والتمحيص فيها عبر دراسات محايدة مع ضرورة ان تتعاون النقابة والوزارة في تقديم الإحصاءات والارقام اللازمة. لكي لا يكون أساس حملات أقساط المدارس نماذج مقتصرة على مدارس قليلة تخدم عددا قليلا من الطلاب لا تتجاوز نسبتهم 1% من اجمالي طلاب الأردن. ففي المقابلة التلفزيونية كررت المذيعة قصة انه كيف يعقل ان يكلف طالب الروضة 5000 دينار مع ان هذا الرقم لا يمثل اكثر من نصف بالمائة من كل المدارس الخاصة في الاردن. مع اغفالها ان الموظفين بهذه المدراس الغالية يحصلون عادة على خصومات قد تتجاوز 50% من اجمالي القسط لأبنائهم.

كذلك قال نقيب أصحاب المدارس الخاصة ان أقساط معظم المدارس الخاصة لم تزد في اخر 5 سنوات بسبب التباطؤ الاقتصادي وانتقال كثير من الطلبة الى القطاع الحكومي بحيث صارت المدارس الخاصة (كمجموع كلي) تعمل بنسبة 75% فقط من قدرتها الاستيعابية والمرخصة. وقال أيضا ان 30% من المدارس الخاصة يحجز عليها دوريا من الضريبة والضمان في دلالة واضحة على مشاكل سيولة وربما خسائر فيها. هذا الموضوع كان يستحق بحثا أكثر في المقابلة وهو ما لم يحصل. هل يتوقع النقيب ان بعض المدارس الخاصة في طريقها الى الاقفال؟ وما تأثير خروجها من العمل على باقي القطاع والطلاب ومستوى الأقساط والتنافس؟

بالنسبة لكلفة الكتب في المدارس الخاصة اقترح النقيب ان تباع كتب المنهاج الوطني مباشرة من الوزارة للطلاب بدون ان تكون المدارس وسيطا في العملية. بناء على هذا المقترح هل يمكن ان توفر الوزارة كتب المنهج الوطني مجانا للطلاب الأردنيين في المدارس الخاصة بما ان أهالي الطلاب يوفرون على الوزارة كلفة تعليم أبنائهم في مدارس الحكومة. وهذا سيحل مشكلة كلفة الكتب جذريا. وفيما يخص كتب المناهج الأجنبية لربما يكون الحل في توافق بين النقابة والأهالي بحيث يكون شراء الكتب من المدرسة اختياريا ان أراد الاهل توفيرها من مصدر اخر شريطة اعلام المدرسة بهذا في عطلة الصيف لكي لا تشتري كتبا فوق الحاجة.

يجب ان نعي ان التعليم الجيد مكلف. والقرينة على هذه الحقيقة كلفة أقساط مدارس اهلية نعلم انها غير ربحية مثل المدارس التابعة للمؤسسات الدينية والخيرية. فالمدارس الخاصة توظف 56 الف معلم وموظف وعلى فرض معدل كلفة رواتب 350 دينار شهريا فان معدل قسط 534 الف طالب في المدارس الخاصة يجب ان يكون 440 دينار سنويا فقط لتغطية كلفة الرواتب بدون حساب اي كلفة الأخرى من كلفة عقار وباصات وتدفئة وكهرباء وماء واثاث وصيانة مرافق وغيره.  فما بالك بمدارس تدفع لمعلميها اكثر من 2000 دينار كراتب شهري بحسب ما جاء في التقرير التلفزيوني؟  

الحلول مطلوبة وليست سهلة. تبدأ أولا واساسا في اصلاحات جذرية في التعليم الحكومي لتحسين نتائجه و إعادة الثقة فيه وجعله خيارا مقبولا من جديد للطبقة المتوسطة.  لا يجب ابدا ان نتجاهل التقصير الحكومي الفاضح في مستوى التعليم الحكومي واعفائها من انتقاد شديد موضوعي. فأساس المشكلة انهيار نوعية التعليم في المدارس الحكومية. كذلك تشمل الحلول الوصول الى حالة من التعاون الاوثق بين المدارس الخاصة والأهالي لضمان ان تستمر العملية التعليمية باطر من الشفافية والمنافسة القوية تضمن نوعية التعليم الجيدة والأسعار العادلة للجميع كل بحسب اختياره.

ليست هناك تعليقات